كسر حاجز الصمت وإيجاد الأمل خلال رحلة الشفاء

كسر حاجز الصمت وإيجاد الأمل خلال رحلة الشفاء

يتخذ العديد من مرضى السرطان قراراً بإخفاء مرضهم عن أقرب الأشخاص إليهم، ولا يمكن لأحد إدراك حجم العبء الواقع على كاهلهم جرّاء رغبتهم هذه.

فرزانة محمد هي سيدة تبلغ من العمر 33 عاماً ولدت وترعرعت في إمارة دبي، جرى تشخيص إصابتها بمرض السرطان، لكن ورغم صعوبة هذا الموقف قرّرت إخفاء هذا الخبر عن الجميع … أو حتى الآن على الأقل.

فرزانة هي زوجة وأم مخلصة لعائلتها ولديها ابنة جميلة تُدعى هند تبلغ من العمر ثلاث سنوات، كما أنها ربة منزل رائعة تجد سعادتها في رعاية عائلتها وطهي أشهى الأطباق والتصوير واستكشاف الثقافات الجديدة.

عاشت فرزانة فرحة الأمومة التي لطالما تمنتها بعد معاناة ومشاكل عديدة في الحمل والإنجاب دامت لمدة تسع سنوات، لكن هذه الفرحة سرعان ما تلاشت بعد تشخيصها بسرطان المريء، إذ تلقت هذا الخبر مثل الصاعقة وطغت مشاعر الخوف والاضطراب على فرحة استقبالها لابنتها. وعلاوة على ذلك، أثَّرت العلاجات على جسدها وجعلتها تشعر بالوهن والعجز، ومرّت بحالة من انطفاء الروح وظلام البدن بسبب مرارة وصعوبة الواقع القاسي لمرضها. “لم أتمكن من التعرَّف على نفسي عندما كنت أنظر في المرآة”.

شعرت فرزانة بالضياع واليأس والوحدة وقد كان من الصعب جداً عليها أن تهزم المرض وهي تحارب بمفردها. وفجأة، ظهرت بوادر أمل في الأفق بعد تلقيها عبر منصة فيسبوك رسالة من شخص لا تعرفه يخبرها فيها عن مجلس الأمل. “لقد غيرت هذه الرسالة كل شيء!” فقد وجدت فرزانة في المجلس مجتمعاً داعماً من النساء اللواتي أدركن معاناتها، الأمر الذي ساعدها على إطلاق العنان لقوتها والعثور على الشجاعة اللازمة لمواجهة هذه المحنة وتخطيها.

لم يكن المجلس بالنسبة إلى فرزانة مجرد بيئة داعمة وحسب، بل أصبحت تعتبره شريان الحياة والمصدر لتعزيز قوتها وكذلك المنبع الذي تستمد منه الأمل بمستقبل أجمل. “أتمنى أثناء تذكري لما عشته في الماضي لو كنت أعرف عن هذا المجتمع الداعم في بداية مرضي، فالمجلس الآن بمثابة عائلتي الثانية”.

اكتشفت فرزانة القوة الكامنة بين جنبات الضعف وأدركت أهمية كسر حاجز الصمت والتحدث عن مرضها. واليوم، لم تتخلص فرزانة من ثقل مشاعر الخوف وعبء إخفاء مرضها فحسب، بل أصبحت أيضاً ملهمة وقدوة تبث الأمل في نفوس المرضى الآخرين، وتدعو إلى الكشف المبكر كما تؤكد على أهمية خدمات الدعم المتاحة لكل من يحتاج إليها.

“أكبر مخاوفي وأعظمها تمثّلت في شعوري بالقلق من احتمالية تعرضي للتمييز أو رؤية الشفقة في عيون من حولي، أو تهميشي وإشعاري بالعجز بسبب إصابتي بالسرطان. لكن جميع هذه المخاوف تبددت بمجرد انضمامي إلى مجلس الأمل. والآن، أشارك بكل ثقة قصة نجاتي من مرض السرطان وأؤكد دوماً أن “الكشف المبكر هو السبيل لإنقاذ حياة المصابين. ومن الضروري أيضاً أن نحرص على عدم تجاهل أي تغيير نلاحظه في صحتنا وجسدنا، وأن نتذكر دائماً أنّنا لسنا لوحدنا وبأنه يوجد مجتمع داعم لمساعدتنا والعديد من الأشخاص الرائعين الذين نستطيع اللجوء إليهم”.

يُعاني مرضى السرطان يومياً لمواجهة الرهاب المقترن بهذا المرض ونظرة المجتمع السلبية تجاهه. وفي خضم هذه المعركة، يأتي مجلس الأمل ليوفِّر “ملاذاً آمناً” ومنارة تبث الأمل وتُقدِّم الدعم للمحتاجين والمرضى. وفيه، تجد العضوات الدعم العاطفي والراحة بأنهن لسن بمفردهن وأن جميع الأسرار يمكن مشاركتها مهما كانت شديدة الوطأة.

نجحّت فرزانة في تحرير قوتها من أسر الخوف والعجز وتحلت بالشجاعة “للإفصاح عن مشاعرها” ومواجهة الأفكار السلبية للتحدث عن المرض وتعزيز الوعي بشأنه.

وعند التفكير في تجربتها، تدرك فرزانة أن “كل قصة متفردة في جوهرها لكن جميعها تشترك في سعي أبطالها للتغلب على المحن والشدائد” التي فرضها المرض عليهم.